الاعتراض ومن ذا حظر على المتأخر مضادة المتقدم ولمه تأخذ بقول من قال ما ترك الأول للآخر شيئا وتدع قول الآخر كم ترك الأول للآخر وهل الدنيا إلا أزمان ولكل زمان منها رجال وهل العلوم بعد الأصول المحفوظة إلا خطرات الأوهام ونتائج العقول ومن قصر الآداب على زمان معلوم ووقفها على وقت محدود ولمه لا ينظر الآخر مثل ما نظر الأول حتى يؤلف مثل تأليفه ويجمع مثل جمعه ويرى في كل ذلك مثل رأيه وما تقول لفقهاء زماننا إذا نزلت بهم من نوادر الأحكام نازلة لم تخطر على بال من كان قبلهم أو ما علمت أن لكل قلب خاطرا ولكل خاطر نتيجة ولمه جاز أن يقال بعد أبي تمام مثل شعره ولم يجز أن يؤلف مثل تأليفه ولمه حجرت واسعا وحظرت مباحا وحرمت حلالا وسددت طريقا مسلوكا وهل حبيب إلا واحد من المسلمين له ما لهم وعليهم ما عليهم ولم جاز أن يعارض الفقهاء في مؤلفاتهم وأهل النحو في مصنفاتهم والنظار في موضوعاتهم وأرباب الصناعات في جميع صناعاتهم ولم يجز معارضة أبي تمام في كتاب شذ عنه في الأبواب التي شرعها فيه أمر لا يدرك ولا يدري قدره ولو اقتصر الناس على كتب القدماء لضاع علم كثير ولذهب أدب غزير ولضلت أفهام ثاقبة ولكلت ألسن لسنة ولما توشى أحد الخطابة ولا سلك شعبا من شعاب البلاغة ولمجت الأسماع كل مردد مكرر وللفظت مقلوب كل مرجع ممضغ وحتام لا يسأم (لو كنت من زمان لم تستبح إبلي *) وإلى متى (صفحنا عن بني ذهل *)
(٤٦٤)