21 أبو محمد عبد الله بن أحمد الخازن من حسنات أصبهان وأعيان أهلها في الفضل ونجوم أرضها وأفرادها في الشعر ومن خراص الصاحب ومشاهير صنائعه وذوي السابقة في مداخلته وخدمته وكان في اقتبال شبابه وريعان عمره يتولى خزانة كتبه وينخرط في سلك ندمائه ويقتبس من نور آدابه ويستضئ بشعاع سعادته فتصرف من الخدمة فيما قصر أثره فيه عن الحد الذي يحمده الصاحب ويرتضيه كالعادة في هفوات الشبيبة وسقطات الحداثة فلما كان ذلك يعود بتأديبه إياه وعزله ذهب مغاضبا أو هاربا وترامت به بلدان العراق والشام والحجاز في بضع سنين ثم أفضت حاله في معاودة حضرة الصاحب بجرجان إلى ما يقتضيه ويحكيه في كتاب كتبه إلى أبي بكر الخوارزمي وذكر فيه عجزه وبجره وقد كتبته تنبيها على بلاغته وبراعة كلامه واختصارا للطريق إلى معرفة قصته وهذه نسخته كتابي أطال الله بقاء الأستاذ سيدي ومولاي من الحضرة التي نرحل عنها اختيارا ونرجع إليها اضطرارا ونسير عن أفيائها إذا أبطرتنا النعمة ثم نعود إلى أرجائها إذا أدبتنا الغربة ومن لم تهذبه الإقالة هذبه العثار ومن لم يؤدبه والده أدبه الليل والنهار وما الشأن في هذا ولكن الشأن في عشر سنين فاتت بين علم ينسى وغم لا يحصى وإنفاق بلا ارتفاق وأسفار لم تسفر عن طائل ولم تغن عني ريش طائر وبعد عن الوطن على غير بلوغ الوطر ورجعت يشهد الله صفر اليدين من البيض والصفر أتلو «والعصر إن الإنسان لفي خسر» وأنا بين الرجاء في أن أقال العثار والخوف من أن يقال زأر الليث فلا قرار إلا أني كنت قدمت تطهير نفسي فلججت حتى حججت وعدت بغبار
(٣٧٩)