على عبد ليقود المؤمنين وفق أحكام هذا الكتاب بعد أن بين لهم تلك الأحكام، ولو كان مجديا فك الترابط بين العقيدة الإلهية والقيادة السياسية، وبين الرسالة والرسول وبين الكتاب والعبد لكان يسيرا على الله أن يرسل نسخا من كل الكتب السماوية إلى كل إنسان بالغ وأن يكلفه بفهمها والعمل بها، ولما كانت هنالك حاجة لإرسال عشرات الآلاف من الرسل والأنبياء والمهديين.
ففك الارتباط والتكامل بين العقيدة الإلهية وبين القيادة السياسية غير وارد بكل المقاييس العقلية والمنطقية والدينية والفطرية، ويخرج عن دائرة المعقول تماما التمسك بالقرآن وحده وتجاهل القيادة السياسية الإلهية، فمن يقول إنه يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بمحمد كقائد له وكولي هو ليس مؤمنا بالإجماع. ومن يقول أنه يوالي محمدا كقيادة سياسية ولا يؤمن بالقرآن هو أيضا ليس مؤمنا بالإجماع لأن من مستلزمات الإيمان الإيمان بالعقيدة الإلهية كقانون نافذ، والإيمان بمحمد كقائد وكولي يقود حياة المؤمنين ضمن هذا القانون النافذ.
فالقيادة السياسية هي بمثابة الهيئة التأسيسية فهي المختصة ببيان العقيدة وبقيادة الأتباع وفق أحكام هذه العقيدة.
وعمليات البيان وعمليات القيادة عمليات فنية تماما كالطب أو علم الذرة أو علم الهندسة، ومن المستحيل أن نترك لأهوائنا واجتهاداتنا.
مؤهلات القيادة السياسية الإسلامية الشرعية.
أول ولي وقائد سياسي للأمة الإسلامية هو محمد (صلى الله عليه وآله) فهو القدوة وهو المثال الذي يقاس عليه، والذين تولوا الولاية والقيادة والمرجعية من بعده تولوها بوصفهم خلفاء للنبي، فالمؤهلات العلمية للنبي كولي وكقائد سياسي وكمرجع للأمة هي أنه أعلم أهل زمانه بالعقيدة الإلهية وأفهم أهل زمانه بأحكامها وأفضل الموجودين من أتباعها وأنسبهم لقيادة ولايتها ومرجعيتها، بالإجماع. ودليلا على ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي عينه وجمع له الولاية والقيادة والمرجعية، ولا يعارض بذلك أحد من أبناء الملة.
وأي قيادة وولاية ومرجعية تأتي من بعده يجب أن تكون لها نفس المؤهلات