أخرج (1) الطبري من طريق علي بن عمر عن أبيه، قال: إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين، فقال له: " تكلم كلاما يسمعه الناس منك، ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة، فإن البلاد قد تمخضت عليك، فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول: يا علي اركب إليهم، ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا، ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول: يا علي اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتي قد قطعت رحمك واستخففت بحقك ". قال:
فخرج عثمان وخطب الخطبة التي نزع فهيا وأعطى الناس من نفسه التوبة، فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله، وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني، وضل عني رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من زل فليتب (2) ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة، إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق "، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت، وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردني إلى الحق عبد لأستنن بسنة العبد، ولأذلن ذل العبد، ولأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما من الله مذهب إلا إليه، فلا