واطلاعه، وكذلك اعتداله وموضوعيته بنقد الآخرين من أصحاب المبادئ والنظريات المخالفة للإسلام أو لمذهبه السني، فإن هذه الكلمات ظلت ترن في أذني على مر الأيام والسنوات، وهذا فضلا عن تأثري أيضا بأحد أقاربي الذي كان داعية لله لا أشك أبدا في إخلاصه وحرصه على وحدة المسلمين سنة وشيعة، وقد ترسخ هذا المفهوم في نفسي بعد ذلك حتى أصبح حقيقة واقعة وخصوصا عندما علمت أن معظم علماء أهل السنة ودعاتهم في عصرنا، يرون بأن الشيعة مسلمون موحدون كالإمام الشهيد حسن البنا، والشهيد سيد قطب، رالعلامة المودودي، والشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ العلامة محمد الغزالي، والشيخ شلتوت، والأستاذ البهنساوي، والتلمساني، وأنور الجندي، وحسن أيوب، وسعيد حوى، وفتحي يكن، وأبو زهرة، ويوسف العظم، والغنوشي، وغيرهم الكثير الكثير ممن أتشرف بقراءة مؤلفاتهم، والتي ملأت رفوف مكتبات جيل الصحوة الإسلامية. وهكذا فإنه لم يكن ليداخلني أي شك بأن الشيعة مسلمون، ولم أكن حتى أفرق بين السني والشيعي لأنني كنت قد غضضت نظري عن تلك الفروق التي بينهما، والتي لا تجعل بأي حال من الأحوال أحدهما مسلما والآخر كافرا، والتي لم أكن أعلم تفاصيلها، ولم أكن مستعدا حق للتفكير فيها أو حتى البحث عنها لشعوري بعدم الحاجة إلى مثل هنه البحوث التي تتطلب التنبيش في التاريخ، والدخول في متاهات قد لا توصل إلى أي نتيجة، وكنت مقتنعا في ذلك الحين أن التقصي لمعرفة مثل هذه الفروق والاختلافات هو من نوع الفتنة التي ينبغي الابتعاد عنه أو الحديث فيه وخصوصا أن الفريقين مسلمان.
فبنفس النظرة التي كنت أنظر فيها إلى علي ومعاوية بأنهما مسلمين بالرغم من كل ما حصل بينهما، فقد كنت أنظر كذلك إلى أهل السنة والشيعة.
وقد تزامن سفري إلى بلاد الغربة لتكملة دراستي الجامعية في منتصف الثمانينات، مع اشتداد سعير هذه الفتنة وتزايد ارتفاع الأصوات المحذرة من العقيدة الشيعية، والتي كانت غالبا مصحوبة بالطعن بالثورة الإسلامية في