أوقعت الكثير من البسطاء والمتعصبين ضحايا لهذه الهجمة الشرسة، بعد أن صدقوا من غير تمحيص أو بحث كل ما جاء في تلك الكتب السامة، والتي وزعت بملايين النسخ في جميع أرجاء العالم الإسلامي.
وقد تعرضت - كغيري من المسلمين - لهذه الحملة، والتي كانت تقوم بها بعض الحركات وكأن مهمتها فقط هو حماية أهل السنة من الخطر الشيعي، وتوعيتهم بعقائد هذه الطائفة التي على حد قولهم تنبع من اليهودية والمجوسبة. وقد استنكرت في البداية هذه الحملة نظرا للطريقة البعيدة عن الأدب والموضوعية التي يصفون بها حقيقة الشيعة، والتي كنت ألاحظ أنها تتسم أيضا بالمبالغة والتهويل في أغلب الأحيان.
فالبرغم من أنني ولدت لأبوين سنيين في فلسطين، والتي غالبية سكانها الساحقة من أهل السنة والجماعة، وبالرغم مما كنت أعتقده بأن طائفة أهل السنة والجماعة هي الطائفة الصحيحة، إلا أنني لم أكن أرى كفر الشيعة.
فكل ما كنت أعلمه بشأنهم، هو رفعهم من منزلة علي، وتفضيلهم له على باقي الصحابة دون أن أعرف سببا لذلك وهي غير المنزلة التي يعتقدها معظم أهل السنة باستحقاقه لها، والتي لا تتعدى كونه رابع الخلفاء الراشدين فهو صحابيا يساوونه بمنزلة باقي الصحابة بمن فيهم معاوية وعمرو بن العاص، إلا أن هذه المبالغة بمنزلة علي لم تكن بنظري لتخرجهم من دائرة الإسلام، وهذا بالرغم أيضا من أنه كانت تتردد أقاويل عندنا بأن الشيعة يفضلون علي على خاتم الأنبياء، واعتقادهم بخطأ جبريل في تنزيل الرسالة بل تأليههم له في بعض الأحيان، وإن عندهم قرآنا غير قرآننا وغير ذلك. إلا أنني لم أكن ألقي لذلك بالا، حيث أنني لا أنسى ما حييت ما قاله مرة أستاذي في موضوع التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية: (إن الشيعة طوائف متعددة منها ما كان يؤله عليا فعلا، ولكن الطائفة الإمامية الاثني عشرية - أو كما تسمى بالجعفرية - هي أقرب الطوائف إلى أهل السنة، وأتباعها مسلمون) وبما أن هذه الكلمات كانت صادرة ممن أعتقد بصلاحه وتقواه وسعة علمه