وبالرغم من أن مسلم وكثير غيره من علماء الحديث من أهل السنة قد أخرجوا هذا الحديث في صحاحهم ومسانيدهم، إلا أنه ولدهشتي الكبيرة أجد معظم أهل السنة يجهلونه بل وينكرونه عند سماعهم به وكأنه غير موجود، ومحتجين بأن الصحيح في ذلك هو ما رواه أبو هريرة بأن الرسول (ص) قال: " إني قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما أبدا ما أخذتم بهما أو عملتم بهما: كتاب الله وسنتي " (1).
وعند التقصي عن مصدر هذه الرواية، وجدت أنها لم تروى في أي من الصحاح، وقد ضعفها (2) كل من البخاري والنسائي والذهبي وغيرهم، وقد رواها الحاكم في مستدركه الذي يعتبر بإجماع علماء أهل السنة أقل درجة من صحيح مسلم الذي أورد حديث ".. كتاب الله وعترتي أهل بيتي ".
وعلى فرض عدم تعارض الروايتين، فإنه لا بد من التسليم بأن المقصود بكلمة " سنتي " في رواية الحاكم هو السنة المأخوذة عن طريق أهل البيت النبوي وليس غيرهم كما يتبين بوضوح في رواية مسلم.
أما التمسك برواية الحاكم ".. كتاب الله وسنتي " وترك رواية مسلم "... كتاب الله وعترتي أهل بيتي " فإن في ذلك مخالفة ليس فقط لما أجمع عليه علماء الحديث من أهل السنة بتقديم أحاديث مسلم على أحاديث الحاكم، بل ومخالفا أيضا للمنطق والعقل، ذلك أن كلمة " سنتي " مجردة كما في رواية الحاكم لا تفيد علما، فجميع الطوائف الإسلامية تزعم أنها تتبع سنة النبي صلى الله عليه وآله، وبالنظر إلى وجود الاختلافات الكثيرة بين هذه الطوائف، والتي غالبا يكون سببها الاختلاف في السنة النبوية المنقولة إليها