ثانيا: لا يوجد أي دليل شرعي يثبت عكس ذلك، وغيبة الإمام المنتظر لها ما يشابهها الكثير من المعجزات التي أخبر بها القرآن الكريم، فنوح عليه السلام لبث في قومه ٩٥٠ سنة يدعوهم ﴿فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين﴾ (١) وقد عاش بالطبع أطول من ذلك، ولبث أهل الكهف ٣٠٩ سنوات وهم نائمون، ورفع الله تعالى عيسى عليه السلام إليه ونجاه من القتل وسيعيده إلى الدنيا في آخر الزمان أيضا، والخضر عليه السلام لا يزال حيا غائبا عن العيون.
وأما بالنسبة لصغر سن المهدي عليه السلام عند تسلمه الإمامة بعد وفاة أبيه الحسن العسكري حادي عشر أئمة أهل البيت عليهم السلام، فإن هناك معجزات تماثلها بل وأكبر منها، فقد جعل الله عيسى بن مريم عليه السلام نبيا وهو في المهد رضيعا: ﴿فأشارت إليه * قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟ قال: إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا﴾ (٢)، وأعطى الله تعالى كذلك الحكم ليحيى عليه السلام وهو صبيا ﴿يا يحيي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا﴾ (3).
وإذا قيل بأن هذه المعجزات كانت للأنبياء، فنقول بأنه ليس هناك أي دليل شرعي يشير إلى توقف المعجزات بعد وفاة النبي (ص)، والمعجزات ليست للأنبياء فقط، فأهل الكهف لم يكونوا أنبياء، وحتى سيد الشياطين " إبليس " فإن الله قد أمد في عمره حق قيام الساعة. ومن ناحية أخرى، فإن الذين يعترضون على الاعتقاد بغيبة الإمام المنتظر فهو راجع أيضا لجهلهم بمقامه وحقيقته فالمهدي عليه السلام سيكون إماما لعيسى عليه السلام الذي جعله الله نبيا وهو في المهد رضيعا، وهكذا فإنه لو علم أهل السنة وتيقنوا بأن الله تعالى هو الذي اختار الأئمة الاثني عشر من أهل البيت ليكونوا خلفاء