فوق المنبر بدأها بتوحيد الله والثناء عليه ليشعرهم بذلك بأنه بعيد عن الهجر ثم أعلمهم بما عرفه من طعنهم، ثم ذكرهم بقضية أخرى طعنوا فيها من قبل أربع سنوات خلت، أفهل يعتقدون بعد ذلك بأنه يهجر أو أنه غلبه الوجع لدرجة أنه لم يعد يعي ما يقول؟.
سبحانك اللهم وبحمدك كيف يجرؤ هؤلاء على رسولك فلا يرضون بالعقد الذي أبرمه، ويعارضونه بشدة حتى يأمرهم بالنحر والحلق ثلاث مرات فلا يستجيب منهم أحد، ومرة أخرى يجذبونه من قميصه ويمنعونه من الصلاة على عبد الله بن أبي ويقولون له: إن الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين! وكأنهم يعلمونه ما نزل إليه في حين أنك في قرآنك: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) (1).
وقلت أيضا: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) (2).
وقلت وقولك الحق: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) (3).
عجبا لهؤلاء القوم! فمرة لا يمتثلون لأمره ومرة يتهمونه بالهجر ويكثرون اللغط بحضرته في غير احترام ولا أدب، وأخرى يطعنون في تأميره زيد بن حارثة ومن بعده في تأمير ابنه أسامة بن زيد فكيف يبقى بعد كل هذا شك عند الباحثين من أن الشيعة على حق عندما يحيطون مواقف بعض الصحابة بعلامات الاستفهام ويمتعضون منها احتراما وحبا ومودة لصاحب الرسالة وأهل بيته.
على أني لم أذكر من المخالفات غير أربع أو خمس وذلك للاختصار ولتكون أمثلة فقط، ولكن علماء الشيعة قد أحصوا مئات الموارد التي خالف فيها الصحابة