والحق يقال إنهم علماء أتقياء، تعلوهم هيبة ووقار، والشيعة يحترمونهم كثيرا ويؤدون إليهم خمس أموالهم، والتي بها يديرون شؤون الحوزات العلمية ويؤسسون المدارس والمطابع وينفقون على طلاب العلم الوافدين من كل البلاد الإسلامية، إنهم مستقلون ولا يرتبطون بالحكام من قريب أو من بعيد كما هو شأن علمائنا الذين لا يفتون ولا يتكلمون إلا برأي السلطة التي تضمن معاشهم، وتعزل من تشاء منهم وتنصب من تشاء.
إنه عالم جديد بالنسبة إلي اكتشفته، أو كشفه الله لي وقد أنست به بعد ما كنت أنفر منه وانسجمت معه بعد ما كنت أعاديه، وقد أفادني هذا العالم أفكارا جديدة وبعث في حب الاطلاع والبحث والدراسة حتى أدرك الحقيقة المنشودة التي طالما راودتني عندما قرأت الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله:
(افترقت بنو إسرائيل إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي إلى ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة).
فلا كلام لنا مع الأديان المتعددة التي يدعي كل منها أنه هو الحق وغيره الباطل، ولكن أعجب واندهش وأحتار عند قراءة هذا الحديث، وليس عجبي واندهاشي وحيرتي للحديث نفسه ولكن للمسلمين الذي يقرؤون هذا الحديث ويرددونه في خطبهم ويمرون عليه مر الكرام بدون تحليل، ولا بحث في مدلوله لكي يتبينوا الفرقة الناجية من الفرق الضالة.
والغريب أن كل فرقة تدعي أنها هي وحدها الناجية وقد جاء في ذيل الحديث: (قالوا من هم يا رسول الله؟ قال من هم على ما أنا عليه أنا وأصحابي) فهل هناك فرقة إلا وهي متمسكة بالكتاب والسنة، وهل هناك فرقة إسلامية تدعي غير هذا؟ فلو سئل الإمام مالك أو أبو حنيفة أو الإمام الشافعي أو أحمد بن حنبل فهل يدعي أي واحد منهم إلا التمسك بالقرآن والسنة الصحيحة؟.
فهذه المذاهب السنية وإذا أضفنا إليها الفرق الشيعية التي كنت أعتقد