للخطبة وكنت أحرص أن أكون أقرب الناس إليه حتى إذا انتهت الخطبة أسرع الجميع نحوه يتسابقون للتهنئة بالعيد. ويبلغ إحساسي بالنشوة حده ربما لأنني أحظى ببعض الاهتمام وأنا ألاصق أبي في هذه اللحظات وبجواري أخي الصغير.
حفرت في ذاكرتي مثل هذه اللحظات. ربما لأنني كنت أرى في تقديس والدي تقديسا لشخصي... ربما ولكن ظلت صورة والدي واهتمام الناس به في ذهني دونما أن أحاول إخراجها عبر التحدث مع الآخرين.
ولم أعرف سر تقديس الآخرين لوالدي إلا بعدما بدأت أفهم الحقائق شيئا فشيئا. والدي من نسل العباس عم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقال لمجموعة من ينتسب إليه " عبابسة " باعتبار أن العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت له عند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حظوة، ويروون أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال " الفضل كله لي ولعمي العباس " وعند العبابسة كان والدي وإخوانه هم الخلفاء المتصدون للقضايا والأمور الدينية. إضافة إلى شئ آخر كان يتمتع به الوالد جعل له تلك المكانة في أفئدة الناس وهو ارتباطه بالطريقة الختمية التي تعتبر من الطوائف الصوفية الكبرى في السودان وكان والدي من المقربين والمساعدين لمرشد هذه الطائفة في منطقتنا وهو من الأشراف الذين ينتسبون إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وأبناء الشرق عموما كبقية أهل السودان من المحبين لأهل بيت النبوة.
وكل من يتقرب إلى الرسول بجهة من الجهات يحترمونه ويعظمونه تعظيما للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك تجدهم كثيرا ما ينخرطون في الطرق الصوفية التي تعتمد كثيرا على الإخلاص في المودة لأهل البيت كما يرون.
اجتمعت لوالدي هذه الأشياء مع قوة شخصيته، وتدينه، والتزامه. فكنت أحس بهيبته وأنا بعد صبي ربما لا أميز جيدا لكن شخصيته وكينونته نقشت على قلبي وتركت أثرا بالغا علي، حتى أنني كنت أقلده في كل شئ. لقد كان يعطي أوراقا