أصبح الآن علما يشار إليه وأملا للمسلمين باعتباره بوابة المسلمين على إفريقيا.
في هذا المجتمع عشت... وعلى طبائع أهله وخلقهم الرفيع تربيت، مسقط رأسي قرية في شرق السودان اسمها مسمار، هناك ولدت وكانت سنوات عمري الأولى في تلك القرية التي تحتضنها الصحراء المترامية الأطراف.
نشأت وسط أسرة متواضعة.. انتقلت إلى هذه القرية من قرية أخرى في شمال السودان وتحديدا منطقة الرباطاب التي تتألف من مجموعة من القرى المتناثرة حول نهر النيل. قريتنا الأصلية تسمى " الكربة ".
وقرية مسمار هي في الأساس محطة لقطار السكة الحديد الذي يأتي من العاصمة الخرطوم متوجها إلى الشرق حيث مدينة بور سودان أهم ميناء في السودان...
وبالرغم من أن سكان صحراء شرق السودان أغلبهم من قبائل البجا والهدندوة إلا أن " مسمار " كانت مأهولة بالشماليين وتحديدا من الرباطاب الذين انتقلوا من منطقتهم إلى الشرق بسبب أو بآخر... ووالدي كان أحد أولئك.
ترعرعت في هذه القرية وأنا صغير يحوطني أبي برعاية واهتمام وكان عندي المثل الأعلى.. لقد كان إمام المسجد وشيخ القرية.. له مكانة خاصة عند سكانها كانت تعطيني الاحساس بالأمن والسعادة خصوصا عندما أذهب معه إلى مسجد القرية المتواضع للصلاة اليومية وصلاة الجمعة. أو صلاة العيد التي تكون عادة خارج القرية، كانت سعادتي لا تحدها حدود وأنا أرى أبي يجهز نفسه للصلاة في أيام العيد.. عندما يلبس جلبابه الأبيض وعباءته (والعباءة في السودان لا يلبسها إلا وجهاء البلد). ثم يتعطر بعطره الخاص الذي غالبا ما ينالني منه نصيب ثم نخرج من المنزل وفي الخارج ينتظرنا جمع غفير من أهالي القرية فنمضي إلى حيث موقع الصلاة في موكب خاشع يرتفع فيه صوت التهليل والتكبير. وعند الوصول إلى الموقع يأخذ أبي مكانه كإمام للجماعة ويصلي بهم صلاة العيد وبعد التسليم يلتف حوله المصلون للاستماع