وليس المقصود من هذا البحث النيل من شخص معين أو إثارة الفتنة، أو البحث عن التفرقة بين المسلمين كما يحلو لبعض الجهلة أن يسمونها، إنما هو نقاش عقائدي القصد منه الكشف عن الحقائق ولفت الانتباه إلى الواقع المأساوي الذي تعيشه الأمة من مرارة الذل والهوان بعد انحرافها عن الصراط المستقيم ونبذها كتاب الله تعالى وسنة رسوله... كما إنها خطوة لتوحيد الأمة تحت راية الحق والالتفاف حول محور الدين الحقيقي الأصيل المتمثل في نهج أهل البيت (ع).
وما أنا إلا عبد فقير من عباد الله انكشفت أمامه الحقائق وشعر بمرارة الخداع وذل التجهيل الذي مورس عليه باعتباره أحد أفراد الأمة الإسلامية، عشت وترعرت في بيئة سنية يتعبد أهلها بمذهب الإمام مالك - تلك غالبية أهل السودان - كانت أكبر همومي تتمثل في الزواج لكي أنجب أبناء أغذيهم بما ورثته من آبائي من تدين وأربيهم على خلاف ما يجري في البلاد الإسلامية الآن من تكريس لسلبيات الحضارة المادية الزائفة في نفوس أبنائنا.
كنت أحلم أن يكونوا أبناء من خدام شرع الله ودينه - ذلك الدين الذي درسناه في مناهجنا الدراسية - وكما ألفينا عليه آباءنا في مجتمعنا دون أن نبحث هل هو ما أمرنا الله به أم أن هنالك أنباء وهنبثة خفيت علينا.
أما السودان فهو بلد تأصلت فيه الروح الدينية فامتاز بالفطرية في أخلاق شعبه وكافة جوانب الحياة فيه وبقوة الوازع الديني، بالإضافة إلى حبه الواضح لأهل البيت (ع) ويظهر ذلك في ثقافته، وسنتطرق إلى ذلك أثناء بحثنا.
دخل الإسلام السودان عبر الطرق الصوفية - هذه الحقيقة التي أنكرها الوهابيون حقدا وحسدا - وأعتقد أن للدولة الفاطمية في مصر اليد الطولى في انتشار الإسلام في السودان، خصوصا وأن الطرق الصوفية تقوم أساسا على محبة أهل بيت النبوة (ع) والولاء لهم، ولقد انعكس ذلك على ثقافة وتدين الشعب السوداني. والذي