رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: " لا تحزن " نهيا له عن الحزن، قلت:
أعوذ بالله. قال: يا إسحاق، إن مذهبي الرفق بك لعل الله يردك إلى الحق ويعدل بك عن الباطل لكثرة ما تستعيذ به. وحدثني عن قول الله (فأنزل سكينته عليه) من عنى بذلك: رسول الله أم أبا بكر؟ قلت: بل رسول الله قال: صدقت. قال فحدثني عن قول الله عز وجل: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) إلى قوله (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) أتعلم من المؤمنون الذين أراد الله في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين. قال: الناس جميعا انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا سبعة نفر من بني هاشم: علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شئ، حتى أعطى الله لرسوله الظفر فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم. قال: فمن أفضل: من كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك الوقت وأنزل عليه السكينة، أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت: بل من أنزلت عليه السكينة! قال:
يا إسحاق، من أفضل، من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه، حتى تم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أراد من الهجرة؟ إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليا بالنوم على فراشه وأن يقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه، فأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك.
فبكى علي رضي الله عنه. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما يبكيك يا علي أجزعا من الموت؟ قال: لا، والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ولكن خوفا عليك، أفتسلم يا رسول الله؟ قال: نعم قال: سمعا وطاعة وطيبة نفس بالفداء لك يا رسول الله. ثم أتى مضجعه واضطجع، وتسجى بثوبه. وجاء المشركون من قريش فحفوا به، لا يشكون أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه. وعلي يسمع ما القوم فيه من تلف النفس ولم يدعه ذلك إلى الجزع، كما