جزع صاحبه في الغار، ولم يزل علي صابرا محتسبا. فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح فلما أصبح قام، فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمد؟ قال:
وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا: فلا نراك إلا كنت مغررا بنفسك منذ ليلتنا. فلم يزل علي أفضل، ما بدأ به يزيد ولا ينقص حتى قبضه الله إليه. يا إسحاق هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: أروه ففعلت. فقال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث هل أوجب لعلي أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن الناس ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشئ جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال: وفي أي موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت: أجل قال: فإن زيد بن حارثة استشهد قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بذلك؟ أخبرني لو رأيت أبنا لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة يقول:
مولاي مولى ابن عمي أيها الناس، فاعلموا ذلك.
أكنت منكرا عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم.
قال: يا إسحاق: أتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويحكم! لا تجعلوا فقهاءكم أربابا إن الله جل ذكره قال في كتابه: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ولم يصلوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنهم أرباب، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم يا إسحاق أتروي حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قد سمعته وسمعت من صححه ومن جحده. قال:
فمن أوثق عندك من سمعت منه فصححه أو من جحده؟ قلت: من صححه. قال: فهل يمكن أن يكون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مزح بهذا القول؟ قلت: أعوذ بالله.
قال: فقال قولا لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت أعوذ بالله. قال: أفما تعلم أن هارون كان أخا موسى لأبيه وأمه؟ قلت: بلى. قال فعلي أخو رسول الله لأبيه وأمه؟
قلت: لا. قال: أوليس هارون كان نبيا وعلي غير نبي؟ قلت: بلى. قال: فهذان الحالان معدومان من علي وقد كانا في هارون، فما معنى قوله " أنت مني بمنزلة