1 - حديث الغدير.
في حديث طويل " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جمع الناس يوم غدير خم (موضع بين مكة والمدينة - الجحفة) وذلك بعد رجوعه من حجة الوداع وكان يوما صائفا حتى أن الرجل ليضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر، وجمع الرحال وصعد عليها وقال مخاطبا معاشر المسلمين: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا:
" بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله ".
إن حديث الغدير من أوضح أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بيانا وأعمقها دلالة وأقواها بلاغة ولقد أورده السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) لبيان أن ولاية علي (ع) التي قرنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بولايته هي امتداد لها وكما كان (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى بالمؤمنين من أنفسهم كذلك علي بن أبي طالب، مما يدل على أن النبي ما أراد الولاية بمعنى الحب إنما أرادها بمعنى الإمامة لوجود القرينة المقالية فقد بدأ الحديث بولاية نفسه على المؤمنين ثم قرنها بولاية علي فالولاية بمعنى الأولى من المؤمنين بأنفسهم.
هذا الحديث لا شبهة في صحته وهو من الأحاديث المتواترة التي لم يستطع علماء أهل السنة والجماعة رده فبحثوا له عن تخريج ومعنى يتناسب مع ما تهواه أنفسهم فاضطروا إلى تفسير الموالاة بمعنى الحب وهذا المعنى لا ينسجم ومفهوم الحديث القاضي بولايته وإمامته على الناس بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلافته له بصورة واضحة وجلية، ولا يمكن لشخص يملك عقلا سليما ووجدانا صحيحا أن يقنع بقول علماء أهل السنة والجماعة، فهم كأنما يقولون أن الرسول (صلى الله وآله وسلم) ومعه هذه الأعداد الهائلة من الحجاج والذين يبلغ عددهم ما يقارب المائة وعشرين ألف... أوقف من معه وأرسل في طلب من سبقه ليأتي راجعا وانتظر من كان بعده يوقفهم في تلك الصحراء والشمس تلفح الوجوه ليقول لهم