كاللصوص ليسرقوك. أو كقطاع طرق ليقتلوك وفي عالم الغابة إذا قدمت فكرة!
كلمة! ليتأملها عقل، فستدفع ثمن إنسانيتك غاليا، لأن الفكرة رحمة، والذئاب تعتبر الرحمة شذوذا. لقد رفض الجبابرة أن يعبدوا الله وحده، وأرادوا أصنام الآباء وما كان يراه الآباء. فالجماجم تحت التراب تراث. ورفض التراث في قانونهم جريمة. والجماجم تحت التراب على هداها يسير الأحياء والشيطان لهم دليل. إنه عالم الصم البكم العمي، رفضوا الشكر في المقدمة ورفعوا ما كان يعبد آباؤهم في الخاتمة ثم قالوا لهود عليه السلام: (فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) وعندما قالوا ذلك سمعوا الرد الأخير على أقوالهم. الرد الذي ستأتيهم من بعده الخاتمة ليكونوا بعد ذلك أحاديث وعبرة لمن أراد الاعتبار.
فعندما سألوا هودا عليه السلام أن يأتيهم بالعذاب: (قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين) (45).
أجابهم عليه السلام: بأنه قد وقع عليهم من ربهم رجس وغضب. لأنهم يحاجونه في هذه الأصنام التي سموها هم وآباؤهم آلهة، وهي لا تضر ولا تنفع، ولا جعل الله لهم على عبادتها حجة ولا دليل (46) وبأن إصرارهم على عبادة الأوثان بتقليد آبائهم. أوجب أن يحق عليهم البعد عن الله بالرجس والغضب. ثم هددهم بما يستعجلون من العذاب. وأخبرهم بنزوله عليهم لا محالة، وأمرهم بالإنتظار. وأخبرهم بأنه مثلهم في انتظار العذاب (47).
وعلى هذا انتهى الجدل، وانتظر الجميع القول الفصل الذي يحمل العذاب الشامل على فريق الجبابرة وأتباعهم. ويكون رحمة شاملة على طائفة المؤمنين مع هود عليه السلام، وجبابرة عاد عندما طلبوا العذاب، ظنوا أن في هذا الطلب تعجيز لهود عليه السلام مقابل تعجيزه لهم في الكيد له. فأمام معجزته التي طرحها عليهم (فكيدوني جميعا) قالوا له: (فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) فقولهم: (إن كنت من الصادقين) يحمل ظنهم في عدم مقدرته