الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٨٣
يعيشون على الأرض. والأرض يجري عليها الاختبار ويجري عليها الاستدراج والاستئصال. ويأتي العذاب للظالمين من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
وعندما شاهدت عاد العارض وهي تحت مظلة عقيدة الأصنام وثقافة الاستكبار (قالوا هذا عارض ممطرنا) لكن الحقيقة كانت على خلاف ذلك يقول تعالى: (بل هوما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين) (52) فبين سبحانه أولا أنه العذاب الذي استعجلوه حين قالوا لهود: (فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) وزاد سبحانه في البيان ثانيا بقوله: (ريح فيها عذاب أليم) تهلك كل ما مرت عليه من إنسان ودواب وأموال، وفي موضع آخر يقول سبحانه: (أرسلنا عليهم الريح العقيم * ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) (53) والريح العقيم هي المفسدة التي لا تنتج شيئا (54) والتي عقمت أن تأتي بفائدة مطلوبة من فوائد الرياح. كتنشئة سحاب أو تلقيح أشجار أو نفع حيوان أو تطيب هواء (55) وفي موضع آخر يقول تعالى: (إنا أرسلنا عليها ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر) (56) وفسر الصرصر بالريح الشديدة السموم، والشديدة البرودة، والشديدة الصوت، والشديدة الهبوب (57). وقوله تعالى: (في يوم نحس مستمر) المراد باليوم هنا قطعة من الزمن، لا اليوم الذي يساوي سبع الأسبوع. لقوله تعالى في موضع آخر: (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات) (58) وقوله تعالى:
(سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) (59). فتبارك الذي يضرب في كل زمان وكل مكان ويرحم في كل زمان. وكل مكان.

(52) سورة الأحقاف، الآيتان: 24 - 25.
(53) سورة الذاريات، الآيتان: 41 - 42.
(54) ابن كثير: 236 / 4، البغوي: 71 / 8.
(55) الميزان.
(56) سورة القمر، الآيتان: 19 - 20.
(57) ابن كثير: 364 / 4، الميزان /، البغوي: 134 / 8.
(58) سورة فصلت، الآية: 16.
(59) سورة الحاقة، الآية: 7.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست