الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٥
الإنساني وفساده وبين الأوضاع العامة الكونية المربوطة بالحياة الإنسانية وطيب عيشه ونكده كما يدل عليه قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) (18) وقوله: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) (19) وقوله: (ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (20).
لقد أرشدهم نوح عليه السلام إلى الطريق المستقيم، فماذا كان رد القوم عليه بعد أن تلقوا منه الانذار والتخويف؟
* ثانيا: الصد عن سبيل الله:
1 - رفض بشرية الرسول:
لقد دعاهم نوح عليه السلام ليلا ونهارا، والذي دعا إليه هو عبادة الله وتقواه وطاعة رسوله، دعاهم من غير فتور ولا توان، لكن القوم تثبتوا بخط الانحراف، وأجابوا دعوة نوح بالفرار والتمرد والتأبي، كان يدعوهم ليغفر لهم الله وفي هذا دليل على أنه كان ناصحا لهم في دعوته ولم يرد لهم إلا ما فيه خير دنياهم وعقباهم، لكنهم صدوا المرشد إلى الصراط المستقيم. بوضع أصابعهم في آذانهم حتى لا يستمعوا إلى دعوته. وغطوا بثيابهم رؤوسهم ووجوههم لئلا يروه.
وألحوا على الامتناع من الاستماع واستكبروا عن قبول دعوته استكبارا عجيبا.
ولم يواجه نوح عليه السلام استكبارهم هذا بالصمت بل توجه بدعوته إليهم سرا وعلانية. سالكا في دعوته كل مذهب يمكن. وسائرا في كل مسير مرجو. ولقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم حجج نوح عليه السلام التي واجه بها قومه، عندما خرج كفارهم للصد عن سبيل الله، فبعد أن أخبر نوح قومه أنه لهم نذير مبين، وأمرهم بعبادة الله وحده، وخوفهم من عذاب يوم أليم. وخرج إليه أشراف القوم الذين يعتبرون أنفسهم ميزانا لكل ما يدور على أرضهم. وصدوا عن سبيل الله. وفقا لبنود قانونهم الذي خرجوا به عن سنة العدل الاجتماعي وبمقتضاه

(18) سورة الروم، الآية 61.
(19) سورة الشورى، الآية: 30.
(20) سورة الأعراف، الآية: 94.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست