ذلك يدل على أن لا تأخذه سبحانك بعذاب القوم بالغرق، ومع ذلك فالحكم الحق إليك فأنت سبحانك أحكم الحاكمين، كأنه عليه السلام يستوضح ما هو حقيقة الأمر، ولم يذكر نجاة ابنه. ولا زاد على هذا. وبعد استفسار نوح عليه السلام. قال تعالى: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) (81) قال المفسرون: بين الله سبحانه لنوح عليه السلام وجه الصواب فيما ذكره. فنوح قال: (إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) فقال تعالى: (إنه ليس من أهلك) فارتفع بذلك أثر حجته. والمراد بكونه ليس من أهله - والله أعلم - أنه ليس من أهله الذين وعده الله بنجاتهم، لأن المراد بالأهل في قوله: (وأهلك إلا من سبق عليه القول) الأهل الصالحون وهو ليس بصالح وإن كان ابنه ومن أهله ولذلك علل قوله: (إنه ليس من أهلك) بقوله: (إنه عمل غير صالح) أي أن ابنك هذا ذو عمل غير صالح فليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم.
ويؤيد هذا المعنى قراءة من قرأ: (إنه عمل غير مالح) بالفعل الماضي. أي عمل عملا غير صالح. وقوله تعالى: (فلا تسألن ما ليس لك به علم) أي لكونه عملا غير صالح. وأنت لا سبيل لك إلى العلم بذلك. فإياك أن تبادر إلى سؤال نجاته لأنه سؤال ما ليس لك به علم، وقوله: (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) أي أني أنصح لك في القول أن لا تكون بسؤالك هذا من الجاهلين، وبعد أن نادى نوح ربه في يوم الغضب يوم العذاب الأليم. وبعد أن أخبره ربه بالمخبوء من أمر ابنه قال نوح: (قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وألا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) (82) قال المفسرون. لما تبين لنوح عليه السلام. إنه لو ساقه طبع الخطاب الذي خاطب به ربه إلى السؤال، كان سائلا ما ليس له به علم وكان من الجاهلين، وإن عناية الله حالت بينه وبين الهلكة، شكر ربه فاستعاذ بمغفرته ورحمته.
كانت هذه المشاهد وهذا النداء وإجابته في وقت كان الموج يضرب فيه بكل عنف، وروي أن الماء قد أطبق جميع الأرض. وارتفع على رؤوس الجبال