الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٢٨
2 - الداعي إلى الله:
أمام معسكرات الشذوذ وخيام الانحراف تلى رسول الله صلى عليه وآله وسلم آيات القرآن الكريم في مكة ومن هذه الآيات قوله تعالى: " قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين * وأمرت لأن أكون أول المسلمين * قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم " (63) قال المفسرون: أنا كأحدكم مأمور بعبادته مخلصا له الدين، ولا ذاك فحسب، بل مأمور بأن أكون أول المسلمين لما ينزل إلي من الوحي، فأسلم له أولا ثم أبلغه لغيري، فأنا أخاف ربي وأعبده بإخلاص آمنتم به أو كفرتم (64). عقب ذلك قال: " فاعبدوا ما شئتم " وهذا أمر تهديدي. بمعنى أن عبادتهم لن تنفعهم، لأنهم مصيبهم وبال إعراضهم عن عبادة الله، حيث يخسرون أنفسهم بإيرادها بالكفر مورد الهلكة، كما يخسرون أهلم بحملهم على الكفر والشرك، وهذا هو الخسران الحقيقي لأنه لا زوال له ولا انقطاع. وأمام معسكرات الشذوذ وخيام الانحراف تلى الرسول الأعظم: " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن أتلوا هذا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " (65) قال المفسرون: الدعوة تبشير وإنذار. ولا يرجع إليه صلى الله عليه وآله وسلم من أمرها شيئا. وإنما الأمر إلى الله. ومعنى الآيات قل: " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة " - مكة المشرفة - التي حرمها الله ولم يشكر أهلها هذه النعمة. نعمد تحريم بلدهم. بل عبدوا الأصنام! ولكي لا يتوهم كفار مكة أن الله يملك مكة.. فيكون حاله حال سائر الأصنام. جعلوا لكل منها جزء من أجزاء العالم كالسماء والأرض وبلدة كذا وقوم كذا وأسرة كذا قال: (وله كل شئ) إشارة إلى سعة ملكه تعالى وقوله:
(وأمرت أن أكون من المسلمين) أي من الذين أسلموا له فيما أراد ولا يريد إلا ما يهدى إليه الخلقة وتهتف به الفطرة وهو الدين الحنيف الفطري الذي هو ملة إبراهيم.

(63) سورة الزمر، الآيات: 11 - 13.
(64) الميزان: 237 / 11.
(65) سورة النمل، الآيات: 90 - 92.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست