الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٠
عقول القوم، وكانت المقدمة إلى هذا أن المترفين وضعوا قاعدة تقول. بأن أي أمر لو كان حقا نافعا، فإن قيمة هذا الحق وهذا النفع تتحدد في أتباع طبقة الأقوياء له. فإن أعرضت عنه هذه الطبقة، أو اتبعه غيرهم من الضعفاء، فإن الحق مهما كان حجمه يكون لا خير فيه، ووفقا لهذه المقدمة غرس المترفين الأصنام في كل مكان، ودثروها بالخرافات التي تخدم مصالحهم وتحافظ على مسيرة الانحراف. وقد ذكر القرآن من هذه الأصنام: ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا. وكان كل صنم له كهان وطقوس ويعبده طائفة من الناس. وأمام جميع الطوائف يتقدم الأشراف والأقوياء. ويلتقي الجميع على طريق الانحراف متخذين أهواءهم وشذوذ آبائهم عن الفطرة هدفا لهم.
نوح عليه السلام.
نوح هو أول أولي العزم من الرسل، وهو أول من قام لتعديل الطبقات ورفع التناقض من المجتمع الإنساني. وهو أول من طرح حجج التوحيد أمام الكفار.
وذكر الله تعالى في كتابه أن نوحا مكث في قومه بعد البعثة وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاما. وروي أنه بعث وله أربع مائة وثمانون سنة، وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة (2) وروي غير ذلك. واختلفوا في مقدار سنه يوم بعث! فقيل كان ابن خمسين سنة، وقيل ابن ثلاثمائة وخمسين عاما (3).
ونوح عليه السلام اصطفاه الله تعالى على العالمين (4)، وسفاه سبحانه في كتابه عبدا شكورا (5)، وعبدا صالحا (6)، كما عده الله سبحانه من عباده المحسنين (7)، ومن عباده المؤمنين (8)، والسور التي تعرضت لقصة نوح عليه

(٢) البداية والنهاية: ١٢٠ / 1.
(3) المصدر السابق: 101 / 1.
(4) سورة الصافات، الآية: 81.
(5) سورة الإسراء، الآية: 3.
(6) سورة التحريم، الآية: 10.
(7) سورة الأنعام، الآية: 84.
(8) سورة النمل، الآية: 15.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 27 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست