الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٤
وفتحت له أبواب السماء ببركاتها. وسمحت له الأرض بكنوز خيراتها. وهذا هو الإسلام الذي هو الدين عند الله تعالى. المدعو إليه بدعوة نوح ومن بعده من الأنبياء والرسل عليهم السلام. فإذا تخطاه الإنسان وانحرف عنه. فقد نازع أسباب الكون وأجزاء الوجود في نظامها الجاري. وزاحمها في شؤون حياتها، وعلى هذا فليتوقع مر البلاء ولينتظر العذاب والعناء. فإن استقام في أمره.
وخضع لإرادة الله. وهي ما تحطمه من الأسباب العامة. فمن المرجو أن تتجدد له النعمة بعد النقمة. وإلا فهو الهلاك والفناء. وإن الله لغني عن العالمين (15).
إن الذي يدور عكس دوران الفطرة التي فطر الله عليها الخلق، يعرض نفسه لضربات جميع أجزاء الكون، فقوم نوح خرجوا عن خط ميثاق الفطرة الذي يشهد. لله بالربوبية، وأقبل على عبادة الأوثان والطواغيت، وتحت سقفها قام بتدوين سنة الظلم الاجتماعي، ولقد خوفهم نوح عليه السلام من - عذاب يوم أليم، لأنهم بأعمالهم هذه ينازعون أسباب الكون وأجزاء الوجود في نظامها الجاري. وهم بذلك يعرضون أنفسهم للقحط والجدب وللطوفان وقام عليه السلام بردهم إلى الطريق الصحيح الذي عليه تأتيهم البركات والسعادة الحقيقية، وقال: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا) (16) قال المفسرون: محصل المعنى. لا ترجون لله وقارا في ربوبيته. والحال أنه أنشأكم طورا بعد طور يستعقب طورا آخر. فأنشأ الواحد منكم ترابا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم جنينا ثم طفلا ثم شابا ثم شيخا، وأنشأ جمعكم مختلفة الأفراد، في الذكورة والأنوثة والألوان والهيئات والقوة والضعف إلى غير ذلك -: وهل هذا إلا التدبير؟ فهو مدبر أمركم. هو ربكم (17). الذي يجب عليكم أن تعبدوه وحده. وقد عد عليه السلام النعم الدنيوية، ووعد قومه توافر النعم وتواترها عليهم إن استغفروا ربهم. فلمغفرة الذنوب أثر بالغ في رفع المصائب والنقمات العامة. وانفتاح أبواب النعم من السماء والأرض أي أن هناك ارتباطا خاصا بين صلاح المجتمع

(15) الميزان 200 / 10.
(16) سورة نوح، الآيات: 10 - 14.
(17) ا لميزان 22 / 20.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست