ورفضوا منطق الفطرة الذي يهدي إلى صراط مستقيم قال تعالى: (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون * ينفر لكم ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون) قال المفسرون: في الآية دلالة على أن قومه كانوا عرضة للعذاب بشركهم ومعاصيهم. وذلك أن الانذار تخويف، والتخويف إنما يكون من خطر محتمل لا دافع له (9) والله تعالى أمر نوحا عليه السلام أن ينذر قومه بأس الله قبل حلوله بهم فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم (10). فقام عليه السلام بتبليغ رسالته إجمالا بقوله: (إني لكم نذير مبين) وتفصيلا بقوله: (أن اعبدوا الله واتقوه) الآية. وفي قوله: (أن اعبدوا الله) دعوتهم إلى توحيده تعالى في عبادته. فإن القوم كانوا يعبدون الأصنام. وفي قوله (واتقوه) دعوتهم إلى اجتناب معاصيه من كبائر الإثم وصغائره. وفعل الأعمال الصالحة التي في تركها معصية (11). وفي قوله:
(وأطيعون) دعوة لهم إلى طاعته فيما يأمرهم به وينهاهم عنه. وأخبرهم أنهم إذا فعلوا ما يأمرهم به وصدقوا ما أرسل به إليهم غفر الله لهم ذنوبهم. ومد في أعمارهم ودرأ عنهم العذاب الذي إن لم يجتنبوا ما نهاهم عنه أوقعه الله بهم.
وحثهم أن يبادروا بالطاعة قبل حلول النقمة. فإنه إذا أمر الله تعالى بكون ذلك. لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قد قهر كل شئ، العزيز الذي دانت لعزته:
جميع المخلوقات (12).
لقد كان الإنذار من أجل أن تقف القافلة البشرية. لتعيد التفكير بمنطق الفطرة، وتعود إلى رشدها بعبادة ربها ولكن جبهة الكفر والعصيان، وقفوا من الإنذار الموقف الذي يأتيهم، بالعذاب. لقد وجد القوم أن دعوة نوح إليهم لعبادة الله وحده، وأمره إياهم أن يتقوا الله ويطيعوه.. رأوا في هذا خروجا عن نصوص الآباء وسنتهم القومية، ولهذا رموا نوحا عليه السلام بأكثر من تهمة. وكما أنذرهم نوح من قبل أن يأتيهم العذاب الأليم. راح عليه السلام ينذرهم وهم على طريق