عليه وآله وسلم. يقول تعالى: (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) (13) قال المفسرون: أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وعليه فالسائل هو الطائفتان جميعا دون اليهود فحسب. والطائفتين ترجعان إلى أصل واحد. وهو شعب إسرائيل، بعث إليهم موسى وعيسى عليهما السلام، ودعوة عيسى انتشرت بعد رفعه في غير بني إسرائيل، وما قوم عيسى بأقل ظلما لعيسى من اليهود لموسى عليه السلام (14). لقد سألوا رسول الله أن ينزل عليهم كتابا من السماء مكتوب من الله إلى فلان وفلان بتصديقه فيما جاءهم به (15). وهذا السؤال بعد ما كانوا يشاهدونه من أمر القرآن. لم يكن إلا سؤالا جزافيا لا يصدر إلا ممن لا يخضع للحق ولا ينقاد للحقيقة، وإنما يلغو ويهذو بما قدمت له أيدي الأهواء. من غير أن يتقيد بقيد أو يثبت على أساس (16).
ولم يطلبوا خطاب السماء فقط. وإنما طالبوا أيضا بآية على الأرض يقول تعالى: (الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاء كم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين * فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير) (17) قال المفسرون: كذب الله تعالى هؤلاء الذين زعموا أن الله عهد إليهم في كتبهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار. وأخبر على لسان رسوله. بأنه قد جاءهم رسل من قبل محمد بالحجج والبراهين وبنار تأكل القرابين. فلماذا قابلوهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلوهم. أمثال زكريا ويحيى من أنبياء بني إسرائيل المقتولين بأيديهم. ثم أخبر الله تعالى رسوله بأن لا يوهنه تكذيب هؤلاء له. فله أسوة بمن قبله من الرسل الذين كذبوا مع ما جاؤوا به من البينات.