المصرية. لذلك كانوا يتصورون أن الله سبحانه جسم من الأجسام! وكلما كان موسى عليه السلام يقرب لهم الحق من أذهانهم حولوه إلى أشكال وتماثيل..
لهذه العلة لما شاهدوا في مسيرهم قوما يعكفون على أصنام لهم استحسنوا مثل ذلك لأنفسهم، فسألوا موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلها كما لهم آلهة يعكفون عليها! فقال: كيف ألتمس لكم ربا مصنوعا وهو غير الله ربكم، وإذا كان غيره فعبادته متبرة باطلة. فقالوا: فكيف نعبده ولا نراه. ولا سبيل لنا إلى ما لا نشاهده - كما يقول عبدة الأصنام - فقال: اعبدوه بما تعرفونه من صفته. فإنه فضلكم جملي سائر الأمم بآياته الباهرة ودينه الحق. وإنجائكم من فرعون وعمله.
فكما ترى. دفعهم موسى عليه السلام بألطف بيان وأوجز برهان يجلي عن الحق الصريح للأذهان الضعيفة التعقل (9) لقد ردهم عليه السلام إليه بصفته رسول الله الذي على يديه شاهدوا المعجزات وبصفته أعلم الناس بدين الله الحق لأن الله فضله على العالمين، وبردهم إليه أد خلهم في دائرة التفضيل. وهم داخل هذه الدائرة ما داموا في ظلال الأنبياء. فإذا كذبوا الأنبياء أو قتلوهم، فلامكان لهم على الصراط المستقيم ولو رفعوا آلاف الرايات التي تحمل في ظاهرها رموز الصراط المستقيم، وبني إسرائيل تاجروا بالاسم على امتداد فترة طويلة من تاريخهم، وذلك بعد أن قفزوا بعيدا خارج دائرة الأنبياء. لقد تمردوا على موسى وهارون عليهما السلام. يقول تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم) (10) قال المفسرون: أي لم توصلون الأذى إلي وأنتم تعلمون صدقي فيما جئتكم به من الرسالة (11) ولم يقف الأمر عند موسى، بل تمردوا على جميع أنبياء الشجرة الإسرائيلية، حتى لعنهم داوود وعيسى ابن مريم عليهم السلام. يقول تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) (12) قال المفسرون: إخبار