الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٣٦
من عند الموت ستبدأ مأساتهم إلى ما لا نهاية. فهناك في أسفل، لن يروا أوزير إله الرحمة. وسيروا مقاما من العذاب في ميزان لا نهائية، عندما قال لهم المؤمن هذا صبوا عليه الاتهامات لأنه لم يدخل السرور والمتعة على عمر الخلود..
الخلود الذي يقف على بابه الفرعون ابن آمون رع، وابن حور بن أوزير إله الخصب والموتى (177).
لم يستمعوا إلى صوت المؤمن، ولم ينصتوا لموسى عليه السلام، فأخذهم الله بالقحوط المتعددة لعلهم يذكرون يقول تعالى: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون) (178) قال المفسرون:
أي اختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم بالسنين وهي سني الجوع بسبب قلة الزروع (179) لقد ضربهم الله بالجدب كي يتبينوا أن النيل والشمس لا يملكان لهم من الله شيئا، والنيل والشمس كانا من أهم أرباب الفراعنة، وعندما ضربهم القحط لم يتذكر القوم ولم يتدبروا في آيات الله، ومقابل هذا الجمود ضربهم الله تعالى بما هو أشد كي يفكروا ويتوبوا ويؤمنوا بالله ورسوله يقول تعالى:
(فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) (180) لقد أرسل سبحانه عليهم ما يدعوهم للخضوع لله. ولكنهم استكبروا وكانوا قوما مجرمين. يقول المفسرون: قوله تعالى: (آيات مفصلات) يدل على أنها أرسلت متفرقة لا مجتمعة، منفصلة بعضها عن بعض، وكل آية من هذه الآيات كانت تأتيهم عن أخبار موسى وإنذاره. لقد أرسل الله عليهم آياته. أرسل الطوفان فصب عليهم الماء، وعندما خافوا فقالوا لموسى ادع لنا ربك يكشف عنا المطر فنؤمن لك. ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل وهكذا فعلوا مع كل آية، يخافون فيذهبون إلى موسى، ويعطوه العهد.. فلما يكشف عنهم العذاب يضحكون وينكثون وينقضون عهدهم. يقول تعالى: (فلما جاءهم بآياتنا إذا

(177) تاريخ الجوع والخوف / للمؤلف تحت الطبع.
(178) سورة الأعراف، الآية: 130.
(179) ابن كثير: 239 / 2.
(180) سورة الأعراف، الآية: 133.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست