استقام على طريق الفطرة أفاض خالق العلل والأسباب عليه البركات، وإن انحرف عن سبيل الله ضربته العلل والأسباب (بكن) فيهلك كل منهم بذنبه.
يقول تعالى في استئصال الأمم الماضية: (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (48).
* 7 - العودة:
روي أن الله بعد أن أهلك أصحاب الأيكة. رجع شعيب عليه السلام إلى مقره الأول وموطن قبيلته وهي مدين ومعه أصحابه والمؤمنون، وهناك رواية معتبرة صحيحة أن شعيبا صار أخيرا إلى مدين هو والمؤمنون به وأقام بها (49). وأصبحت مدين مقصودة يأتيها الناس من كل مكان للتجارة، وعندما هرب موسى عليه السلام من مصر. توجه إلى مدين. وقد ألهمه الله تعالى ذلك. لحكمة اقتضاها سبحانه.
وروي أن موسى عليه السلام قطع رحلته من مصر إلى مدين في ثمان ليال، فلما بلغ مدين رأى بئرا يستقي منها الناس لأغنامهم وإذا جاريتان ضعيفتان. وإذا معهما غنيمة لهما.. قال ما خطبكما؟ قالتا: أبونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال. فإذا سقى الناس سقينا، فرحمهما، فأخذ دلوهما فقال لهما: قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس. ثم تولى موسى إلى الشجرة التي بجانب البئر وجلس تحتها وقال: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وروي أنه قال ذلك، وهو محتاج إلى شق تمرة. فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا. فقال لإحداهما اذهبي فادعيه لي. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فروي أن موسى عليه السلام قال لها: وجهيني إلى الطريق وامشي خلفي، فإنا بني يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء، فلما جاءه وقص عليه القصص قال: لا تخف نجوت من القوم الظالمين، ثم قال له شعيب: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن