الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٨٢
سبحانه وتعالى. جعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم مدة سبعة أيام لا يكنهم منه شئ. ثم أقبلت سحابة أظلتهم فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بظلها من الحر.
فلما اجتمعوا كلهم تحتها أرسل الله تعالى عليهم منها شررا من نار ولهبا ووهجا عظيما (45).
وروي أن الله تعالى أسقط عليهم الحر الشديد سبعة أيام، حتى علت مياههم وفارت ثم ساق إليهم غمامة فاجتمعوا تحتها للاستظلال بها من وهج الشمس وحرها، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا وهلكوا بأجمعهم، وروي أن الله تعالى أرسل عليهم حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم، فلم ينفعهم الظل ولا الماء، ثم بعث الله عليهم ريحا طيبة. فنادى بعضهم بعضا عليكم بها. فخرجوا إلى البرية. فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله عليهم نارا فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي وصاروا رمادا وهو عذاب يوم الظلة (46) لقد ضربهم الحر وهم تحت الظلال، وهم الذين اختاروا هذا العذاب، لم يطلبوا الهداية وإنما طلبوا أن يسقط الله عليهم كسفا من السماء فجاءهم.. ويقول عنه تعالى: (إنه كان عذاب يوم عظيم). لقد ضرب الله أصحاب نقص الكيل والميزان مرتين وبين ذلك في كتابه. إشارة إلى أن هذه الجريمة تدفع بالمجتمع الإنساني إلى عالم الذئاب، وعلى المجتمع الإنساني أن يقاومها إذا كان يؤمن بالله وباليوم الآخر، وروي أن الله تعالى أوحى إلى شعيب أني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم.
فقال عليه السلام: يا رب هؤلاء الأشرار. فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه: لمداهنتهم أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي (47) إن الشيطان يقف وراء البراويز المزخرفة. براويز شهوات البطن والفرج، وعالم المكيال والميزان:
أرضية خصبة، يدخل الشيطان من خلالها إلى شهوات البطن والفرج والاستعلاء على عباد الله، ولقد فتحت مدين وأصحاب الأيكة أبوابهم، وتاجروا بالأخضر واليابس وفقا لأهوائهم، بعد أن تعاموا عن أن الإنسان تحيط به علل وأسباب في كون الله الواسع. وهذه العلل والأسباب تتحكم فيه ولا حرية له قبالها. فإذا

(45) الميزان: 312 / 15، ابن كثير: 346 / 3.
(46) كتاب الأنباء: 253، تفسير ابن كثير: 346 / 3.
(47) كتاب الأنباء: 253.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 187 188 ... » »»
الفهرست