الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٧٢
إني معكم رقيب) (23).
قال المفسرون: أي كيف تعززون رهطي وتحترمون جانبهم، ولا تعززون الله ولا تحترمون جانبه؟ وإني أنا الذي أدعوكم إليه من جانبه؟ فهل رهطي أعز عليكم من الله؟ وقد جعلتموه نسيا منسيا، وليس لكم ذلك، وما كان لكم أن تفعلوه. إن ربي بما تعملون محيط، بما له من الإحاطة بكل شئ، وجودا وعلما وقدرة ثم هددهم أشد التهديد: فأخبرهم بأنه على وثوق مما يقول، لا يأخذه قلق ولا اضطراب من كفرهم به وتمردهم على دعوته، فليعملوا على ما لهم من القوة والتمكن، فلهم عملهم وله عمله، فسوف يفاجئهم عذاب مخز، يعلمون عند ذلك من هو الذي يأخذه العذاب. هم أو هو؟ ويعلمون من هو كاذب؟ فليرتقبوا وهو معهم رقيب لا يفارقهم (24).
* 3 - الصد عن سبيل الله:
على أرض مدين دار الصراع بين الباطل الذي أقام جدرانه على أعمدة الظلم والجشع وبين الحق الذي ينصر الفطرة ويهدي إلى الصراط المستقيم، وقمة هذا الصراع ترى أطرافه في سورة الأعراف، فشعيب عليه السلام بعد أن بث دعوته في قومه آمن به فئة قليلة، ولكن الذين يفسدون في الأرض، ركبوا كل طريق من أجل أن يفتنوا الذين آمنوا ويصدوهم عن سبيل الله المستقيم وعندما نهاهم شعيب عليه السلام عما يفعلونه بالذين آمنوا خيروهم إما أن يعودوا في ملتهم وإما الطرد من الديار!
1 - بيان شعيب عليه السلام:
في سورة الأعراف ضوء ساطع، كشف كيف يفكر الذين يبغونها عوجا، فالتفكير عند هؤلاء لا يستند إلا على التهديد والحجر، وقد ظهرت معالم هذا التفكير عندما واجههم شعيب عليه السلام بحجج دامغة يقول تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من

(23) سورة هود، الآيتان: 92 - 93.
(24) الميزان: 375 / 10.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست