الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٦١
تعالى: (إذ قال لهم شعيب) ولم يقل: أخوهم شعيب بخلاف هود وصالح فقد كانا نسيبين إلى قومهما. وكذا لوط فقد كان نسيبا إلى قومه بالمصاهرة ولذا عبر عنهم سبحانه بقوله: (أخوهم هود) (أخوهم صالح) (أخوهم لوط).
وتضارب الأقوال في أن شعيبا كان له قوم به أو قوم واحد، لا يغير النتيجة عند التأمل، فالنتيجة واحدة هنا وهناك وتحمل قولا واحدا هو أن الله تعالى أهلك الذين بعث فيهم شعيب ودمرهم بسبب تمردهم على الله وعلى رسوله وتكذيبهم له. وشعيب عليه السلام واجه تجار الجشع والطمع على أرض مدين والأيكة بمعارف وعلوم وأدب رفيع وأقام عليهم الحجة في أتم ما يكون، وكان عليه السلام في زمرة الرسل المكرمين. وقد أشركه الله فيمن أثناهم به من الثناء الجميل في كتابه. وقصص شعيب. ذكر الله تعالى طرفا منها في كتابه الكريم في سور: الأعراف، هود، الشعراء، القصص، العنكبوت وكان شعيب عليه السلام معاصرا لموسى عليه السلام. وقد زوجه إحدى ابنتيه على أن يأجره موسى ثمان حجج وإن أتم عشرا فمن عنده، فخدمه موسى عشر سنين، ثم ودعه، وسار بأهله إلى مصر.
* 1 - من خيام الانحراف:
فطر الله تعالى الإنسان على فطرة تهديه إلى الحق، ولأن الله تعالى خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض فإنه تعالى فطره على الاجتماع، فطره على أن تكون حياته في مجتمع. لهذا قام الإنسان في البداية بتأسيس المجتمع المنزلي أولا ثم اتسع عالم الاجتماع الإنساني شيئا فشيئا حتى صار مجتمعا مدنيا تقوم عليه حضارات واسعة. والإنسان في خطوته الأولى زوده الله تعالى بالحرية، فله أن يختار جانب الفعل وله أن يختار جانب الترك، فأي فعل يقف عليه له مطلق العنان في أن يختار جانب الفعل. وله أن يختار جانب الترك، وإلى جانب هذه الحرية. فإن للإنسان أن يختار لنفسه ما شاء من طرق الحياة ويعمل بما شاء من العمل. وليس لأحد من بني نوعه أن يستعلي عليه فيستعبده ويمتلك إرادته وعمله ويحمله على ما يكرهه فهذه الحرية ضمن عجينة الفطرة التي فطر الله الناس عليها. كي يقيم الإنسان المجتمع على الأرض. والإنسان على الأرض أحاطه
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 157 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست