الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٣٨
وغواه واحتنكه وأذله. وبين الرايات جاء حكم الله أن الشيخ الفاني والعجوز العاقر ينجبان الولد. ويبشران بعد الولد بولد. وأن الفتات الآدمي مقطوع دابره والله غني عن العالمين. لا وجود الشباب يغنيه ولا وجود الشيوخ يفقره. فسبحان الذي لا يحتاج إلى حمد الحامدين وشكر الشاكرين. وعندما قضى الله بالولد في أعلى الشامات وبالعذاب في أدناها حملت الملائكة خبر البشرى والعقاب.
1 - خبر البشرى:
أنذر لوط عليه السلام قومه من بطش الله، فقالوا ائتنا بعذاب الله، ونزلت الملائكة ومعهم ما طلبه القوم، لكنهم قبل أن يصبوه على أهل الفحشاء والمنكر والدنس نزلوا أعلى الشامات بالبشرى على إبراهيم خليل الله. يقول تعالى:
(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين * فقربه إليهم قال ألا تأكلون * فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم) (41) قال المفسرون: عندما دخلوا على إبراهيم جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة.
ولم يمنن عليهم أولا فيقول نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء. وأتى بأفضل ما وجد من ماله وهو عجل فتى سمين فقربه إليهم. لم يضعه وقال اقتربوا. بل وضعه بين أيديهم. ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم بل قال (ألا تأكلون) على سبيل العرض والتلطف (42). وإبراهيم عليه السلام فعل ما فعل عندما رأى هيئتهم الحسنة عندما مروا عليه وسلموا عليه وهم معتمون. عندئذ قال إبراهيم: لا يخدم هؤلاء إلا أنا نفسي وكان عليه السلام صاحب ضيافة. وعندما شوى العجل وقربه إليهم. رأى أيديهم لا تصل إليه. فنكرهم وأوجس منهم خيفة. فلما رأى جبرائيل عليه السلام ذلك. حسر العمامة عن وجهه. فعرفه إبراهيم: فقال: أنت هو؟ قال: نعم (43) ثم قالوا له: لا تخف وبشروه بغلام عليم فبدلوا خوفه أمنا وسرورا (44).

(4) سورة الذاريات، الآيات: 24 - 28.
(2 4) ابن كثير: 235 / 4.
(43) الميزان: 328 / 10.
(44) الميزان: 378 / 15.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست