الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٣٦
المنكر) النادي هو المجلس الذي يجتمعون فيه. ولا يسمى ناديا إلا إذا كان فيه أهله. فوسط الأهل يأتون بالفحشاء أو بمقوماتها الشنيعة على مرأى ومسمع من الجميع (36) إنها ورقة ثقافية قابلة للتصدير في عالم يعج بالأوثان والشهوات والرقيق والأهواء. وقيل إن المراد بقطع السبيل: قطع سبيل المارة بديارهم، فإنهم كانوا يفعلون هذا الفعل بالمجتازين من ديارهم، وكانوا يرفعون ابن السبيل بالخذف. فأيهم أصابه كان أولى به. فيأخذون ماله وينكحونه ويغرمونه ثلاثة دراهم وكان لهم قاض يقضي بذلك (37)! ولكن السياق يقضي بخلاف ذلك.
وقد يكون قد فعلوا ذلك. ولكن قطع السبيل بإهمال طريق التناسل وإلغاؤها هو الذي تدل عليه آيات القرآن في أكثر من موضع كما سيأتي وقيل إن إتيان المنكر في النادي هو أن مجالسهم كانت تشتمل على أنواع المنكرات والقبائح مثل الشتم والسخف والقمار وخذف الأحجار على من مر بهم وضرب المعازف والمزامير وكشف العورات واللواط (38).
لقد بين لهم لوط عليه السلام أن عملهم يقطع النسل ويشوه الوجه البشري خزيا وعارا. لكن القوم لم يروا أن في هذا إخلالا بالشرف لأنهم لا يعرفون ما هو الشرف. وأصروا على أن يكتبوا أسماءهم في قائمة الاستئصال وهم مختارون (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) لقد استهزء أهل اللواط وسخروا، كما استهزء من قبلهم الأكثر منهم فحولة وذكورة.
وأمام طلبهم لم يملك لوط عليه السلام إلا أن يقول: (رب انصرني على القوم المفسدين) دعاء منه عليهم. وقد عدهم مفسدين لعملهم الذي يفسد الأرض ويقطع النسل ويهدد الإنسانية بالفناء (39).
* 3 - ملائكة البشرى والعذاب:
كان إبراهيم عليه السلام في مكان قريب من مكان القوم الذين أرسل إليهم لوط عليه السلام، فبعد ارتحالهم من العراق إلى بلاد الشامات وفلسطين، استقر

(36) - الميزان: 123 / 15.
(37) ابن كثير: 389 / 6.
(38) البغوي: 389 / 6.
(39) الميزان: 124 / 15.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست