الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٣٤
إنهم أناس يتطهرون) (23).
لقد خاطب الإحساس فيهم، فقال: (أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) أي وأنتم في حال يرى بعضكم بعضا وينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء!! (24) (أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون) أي بل أنتم قوم مستمرون على الجهل ولا فائدة في توبيخكم والإنكار عليكم (2) فماذا كان جواب القوم؟ أعلنوا إعلانهم بإخراج آل لوط من القرية.
وسبب قرار الطرد: أن آل لوط يتنزهون عن هذا بالعمل (26) أو يتحرجون من فعل ما تفعلونه ومن إقرارهم على صنيعهم، فإخراجهم من بين أظهرهم فإنهم لا يصلحون لمجاورتهم في بلادهم (27)!! وقرار الإخراج ورد أيضا في سورة الأعراف (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) (28).
أخبرهم أن ما يفعلوه لم يفعله أحد من الأمم والجماعات من قبل، وأنهم بهذا العمل تعدوا على سبيل الفطرة، فترك سبيل النساء والاكتفاء بالرجال إسراف وجهل لأنه وضع للشئ في غير محله. ولم يكن يجد القوم جوابا على خطاب لوط. لقد كان خطاب لوط فيهم (إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء) فجاءت إجابتهم عليه: (أخرجوهم من قريتكم) لقد وضعوا ما ليس بجواب موضع الجواب وفي هذا دلالة على سفههم. وعندما أصدروا قرار الطرد أنذرهم لوط عليه السلام بالعذاب يقول تعالى: (ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر) (29) أي خوفهم أخذنا الشديد فجادلوا في إنذاره وتخويفه (30) ولم يلتفتوا

(23) سورة النمل، الآيات: 54 - 56.
(24) الميزان: 376 / 5، البغوي: 594 / 6، ابن كثير: 694 / 6.
(25) الميزان: 376 / 15.
(26) الميزان: 376 / 5.
(27) البغوي: 294 / 6، ابن كثير: 368 / 3.
(28) سورة الأعراف، الآيات: 80 - 82.
(29) سورة القمر، الآية: 36.
(30) الميزان: 81 / 19.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست