الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٤٠
تولد مولود من والدين في غير سنهما العادي المألوف لذلك (إنه حميد مجيد) فهو تعالى مصدر كل فعل محمود ومنشأ كل كرم وجود، يفيض من رحمته وبركاته على من يشاء من عباده (49).
إن مولودا في أعلى الشامات أفضل عند الله من ملايين الملايين في أماكن أخرى. فالحق لا يغلب بالكثرة ولا يغلب لقلة، وطاهر واحد من صلب خليل الله خير من الدنيا وما فيها، وإنجاب الولد من والدين بالغين في الكبر صفعة على وجوه الأغبياء الذين لا يتدبرون في آيات الله ويدورون عكس دوران الوجود الذي لا يدور إلا على محور الفطرة.
2 - خبر العذاب:
لما ذهب عن إبراهيم عليه السلام ما اعتراه من الخيفة بعد أن تبين أن النازلين به لا يريدون به سوءا ولا يضمرون له شرا. وبعد أن جاءته البشرى بأن الله سيرزقه وزوجه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب. وبعد أن بدل الملائكة خوف إبراهيم أمنا وسرورا قال إبراهيم للملائكة: (ما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين) (50). قال المفسرون: والمعنى (قال) إبراهيم عليه السلام (ما خطبكم) والشأن الخطير الذي لكم (أيها المرسلون) من الملائكة (قالوا) أي الملائكة لإبراهيم (إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) نكروهم ولم يسموهم صونا للسان عن التصريح باسمهم تنفرا منه. ومستقبل الكلام يعينهم من هم. وذلك عندما استثنوا في موضع آخر وقالوا: (إلا آل لوط) أي لوط وخاصته فظهر بذلك أن القوم قومه. وإذا كان الملائكة هنا لم يسموا القوم، فإنهم في موضع آخر لم يسموا القرية التي يسكنها القوم صونا للسان عن التصريح باسمها تنفرا منه، فقالوا لإبراهيم عليه السلام: (إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين) (51) قال المفسرون: والإتيان بلفظ الإشارة القريبة - هذه القرية - فيه

(49) الميزان: 325 / 10.
(50) سورة الذاريات، الآيات: 31 - 34.
(51) سورة العنكبوت، الآية: 31.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست