دلالة على قربها من الأرض التي كان إبراهيم عليه السلام نازلا بها. وهي الأرض المقدسة. وبعد أن أخبر الملائكة إبراهيم عليه السلام بأنهم أرسلوا إلى قوم مجرمين وأنهم مهلكوا أهل هذه القرية لأن أهلها كانوا ظالمين. أخبروه بالقوة التدميرية التي سيصبونها على رؤوس الظالمين فقالوا: (لنرسل عليهم حجارة من طين) طينا متحجرا سماه الله سجيلا (مسومة) معلمة (عند ربك للمسرفين) تختص بهم لإهلاكهم (52).
عندما سمع إبراهيم هذا الهول كان يعلم أن الله تعالى لا يعذب لوطا وهو نبي مرسل. وإن شمل العذاب جميع من سواه من أهل قريته. فالله سبحانه ينجي عباده المخلصين عند ضربات الكون للظالمين من كل اتجاه. كما كان يعلم أن الظالم المفسد في الأرض يعرض نفسه لعقوبة الله. فإذا جاءته فلا يلومن إلا نفسه. لكنه عليه السلام عندما سمع من الملائكة ما سمع قال: (إن فيها لوطا) (53) قال المفسرون: كان يريد بقوله: (إن فيها لوطا) أن يصرف الله العذاب عن أهل القرية كرامة للوط. نظرا لأن فيها القاصر والعاجز والطفل الصغير الذي لا جناية له. ولا جناح عليه. وكان قوله هذا نتيجة لرقة قلبه وصفاء طوياته عليه السلام. فلم يملك نفسه أن بادر بالاستشفاع والجدال. فأجابته الملائكة: (قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) (54) ولقد ذهب العديد إلى أن قوله: (إن فيها لوطا) يعني أن يصرف الله العذاب عنهم لأن فيهم لوطا وإهلاك أهل القرية يشمله. وقول مثل هذا لا يستقيم مع أحداث أيام الغضب الإلهي. فالله تعالى بعث الريح على عاد فمزقت أجسادهم وأفئدتهم في الوقت الذي كان فيه هود عليه السلام وأتباعه تصل إليهم الريح بما يشيع فيهم الأمن. والدليل على أن إبراهيم عليه السلام كان يجادل في قوم لوط وليس من أجل خوفه على لوط نظرا لأن إهلاك القوم يشمله قوله تعالى في سورة هود في هذا الموضع من القصة (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم