وفي الحكم الإسلامي، فقد عهد إلى ابنه " يزيد " فحول الخلافة إلى ملك عضوض، بل إلى ملك فاجر، وقد زعم - وهو يعهد إلى ابنه - بأنه يقتدي بأبي بكر، إذ عهد من بعده إلى عمر بن الخطاب، وأن المفارقة بين العهدين واضحة، كالفرق بين عمر بن الخطاب، ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عمر بن الخطاب " إن الله قد كتب الحق على لسان عمر وقلبه "، بينما يعرف التاريخ أن يزيد بن معاوية كان لا يمتنع عن إتيان المحرمات، وأبو بكر الصديق إنما عهد بالخلافة إلى رجل لم تربطه به قرابة، ثم هو وزير من وزراء النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد قال فيه: " إن الشيطان لا يسير في فج يسير فيه عمر " وقال: " إنه العبقري الذي لم يفر فرية في الإسلام أحد ".
وأما " معاوية بن أبي سفيان " فقد عهد إلى ابنه الذي علم التاريخ عنه ما علم (1) وقد قال في المقام الإمام " الحسن البصري " - فيما يروي الطبري وابن الأثير وابن كثير - " أربع خصال كن في معاوية، لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء، حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " الوالد للفراش، وللعاهر الحجر " (2)، وقتله حجرا، ويلا له من حجر، مرتين " (3).
وعن الشعبي: أول من خطب الجمعة جالسا معاوية، حين كثر شحمه، وعظم بطنه، وعن سعيد بن المسيب: أول من أذن وأقام يوم الفطر والنحر