الأول من ص 293 - على مسند الإمام أحمد بن حنبل، يقول أبو زهرة: جاء في الكافي عن أبي حنيفة قال: استأذنت عليه (أي الإمام الصادق) فحجبني، وجاءه قوم من أهل الكوفة واستأذنوا، فأذن لهم، فدخلت معهم، فلما صرت عنده قلت: يا ابن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة، فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم)، فإني تركت فيها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم، فقال: لا يقبلون مني، فقلت: ومن لا يقبل منك، وأنت ابن رسول الله.
فقال الصادق: أنت أول من لا يقبل مني، دخلت داري بغير أذني وجلست بغير أمري، وتكلمت بغير رأيي، وقد بلغني أنك تقول بالقياس، فقلت: نعم.
فقال: ويحك يا نعمان، أول من قاس إبليس، حين أمر بالسجود لآدم فأبى، وقال: خلقتني من نار، وخلقته من طين، أيهما أكبر يا نعمان، القتل أم الزنى؟ قلت: القتل، قال: فلم جعل الله في القتل شاهدين، وفي الزني أربعة أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.
قال: فأيهما أكبر البول أو المني؟ قلت: البول، قال فلم أمر الله في البول بالوضوء، وفي المني بالغسل، أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.
قال: فأيهما أكبر الصلاة أم الصوم؟ قلت: الصلاة، قال: فلم وجب على الحائض أن تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة، أيقاس ذلك؟ قلت: لا.
قال: فأيهما أضعف المرأة أم الرجل؟ قلت: المرأة، قال: فلم جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين، وللمرأة سهما، أيقاس ذلك؟ قلت: لا.
قال: وقد بلغني أنك تقرأ آية في كتاب الله تعالى، وهي (لتسألن يومئذ عن النعيم)، أنه الطعام الطيب، والماء البارد في اليوم الصائف، قلت: نعم.
قال: لو دعاك رجل وأطعمك طعاما طيبا، وسقاك ماء باردا، ثم امتن به