فسمعتها تقول: سترك الله، كما سترتني وكان لك، كما كنت لي.
وسمع الجيران الضجة، فتبادروا إلينا، والسكين في يدي، والرجل يشحط في دمه، فرفعت على هذه الحالة.
فقال له إسحاق: قد عرفت لك ما كان من حفظك للمرأة، ووهبتك لله ورسوله.
قال: فوحق من وهبتني له، لا عاودت معصية، ولا دخلت في ربية، حتى ألقى الله فأخبره إسحاق بالرؤيا التي رآها، وأن الله تعالى لم يضيع له ذلك، وعرض عليه برا واسعا، فأبى قبول شئ من ذلك (1).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن المؤرخين يجمعون - أو يكادون - على أن الخليفة العباسي " المتوكل " - كما أشرنا آنفا - إنما كان شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظا على جماعتهم، وكان وزيره " عبيد الله بن يحيى بن خاقان " على سنته، ومن ثم فقد حسن له كل قبيح في معاملتهم.
وقد استعمل المتوكل على المدينة ومكة - كما يقول صاحب " مقاتل الطالبيين - " عمر بن الفرج الرخجي "، فمنع آل أبي طالب من التعرض للناس، ومنع الناس من البر بهم، وكان لا يبلغه أن أحدا تقرب منهم بشئ، وإن قل، إلا أنهكه عقوبة، وأثقله غرما، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه، واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه، ويجلسن على مغازلهن عواري حاسرات.
وهكذا شاع من يسمونه " أمير المؤمنين "، المتوكل على الله " أن تقبع العلويات الطاهرات في بيوتهن عاريات، يتبادلن القميص المرقع عند الصلاة،