المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، في هديه وسكونه، وعفافه ونبله وكرمه، وكان - على صغر سنه - مقدما على العلماء والرؤساء، معظما عند سائر الناس (1).
وفي درر الأصداف ونور الأبصار والصواعق المحرقة: وقع لبهلول (2) معه، أنه رآه - وهو صبي - يبكي، والصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم، فقال: اشتري لك ما تعلب به؟ فقال: يا قليل العقل، ما للعب خلقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة، فقال له: من أين لك ذلك؟ قال: من قول الله عز وجل (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا، وأنكم إلينا لا ترجعون) (3).
ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خر الحسن مغشيا عليه، فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير، لا ذنب لك؟ فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم (4).
وروي أن الخليفة العباسي سجنه عند رجل يدعى " صالح بن وصيف " فوكل به رجلين من الأشرار بقصد إيذائه والتضييق عليه، وأصبحا بمعاشرة الإمام من الصلحاء الأبرار.
فقال لهما صالح: ويحكما ما شأنكما في هذا الرجل؟ قالا: ما تقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله، كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.