بغداد - أنه رأى في منامه كأن النبي (صلى الله عليه وسلم)، يقول له: إطلق القاتل، فارتاع لذلك روعا عظيما.
ونظر في الكتب الواردة لأصحاب الحبوس، فلم يجد فيهم ذكر قاتل، فأمر بإحضار السندي وعباس، فسألهما: هل رفع إليهما أحد ادعي عليه بالقتل؟
فقال له العباس: نعم، وقد كتبنا بخبره.
فأعاد النظر في الكتاب في أضعاف القراطيس، وإذا الرجل قد شهد عليه بالقتل، وأقر به. فأمر إسحاق بإحضاره، فلما دخل عليه، ورأى ما به من الارتياع، قال له: إن صدقتني أطلقتك. فابتدأ يخبره بخبره، وذكر أنه كان هو وعدة من أصحابه يرتكبون كل عظيمة، ويستحلون كل محرم، وأنه كان اجتماعهم في منزل بمدينة أبي جعفر المنصور، يعكفون فيه على كل بلية.
فلما كان في هذا اليوم جاءتهم عجوز كانت تختلف إليهم للفساد، ومعها جارية بارعة الجمال، فلما توسطت الجارية الدار صرخت صرخة، فبادرت من بين أصحابي، فأدخلتها بيتا وسكنت روعها، وسألتها عن قصتها، فقالت: الله الله في، فإن هذه العجوز خدعتني، وأعلمتني أن في خزانتها حقا لم ير مثله، فشوقتني إلى النظر إلى ما فيه، فخرجت معها، واثقة بقولها، فهجمت بي عليكم، وجدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأمي فاطمة، وأبي الحسن بن علي، فاحفظوهم في.
قال الرجل: فضمنت خلاصها، وخرجت إلى أصحابي فعرفتهم بذلك، فكأني أغريتهم بها، وقالوا: لما قضيت حاجتك منها، أردت صرفنا عنها، وبادروا إليها، وقمت دونها أمنع عنها. فتفاقم الأمر بيننا، إلى أن نالتني جراح، فعمدت إلى أشدهم كان في أمرها، وأكلبهم على هتكها، فقتلته، ولم أزل أمنع عنها، إلى أن خلصتها سالمة.
وتخلصت الجارية آمنة مما خافته على نفسها، فأخرجتها من الدار،