برفع الشراب، وأمر له بأربعة آلاف دينار، وتحلل منه، إلى منزله مكرما، رحمه الله (1).
ويروي صاحب " مروج الذهب " عن ابن الأزهري أنه قال: حدثني القاسم بن عباد، قال حدثني يحيى بن هرثمة قال: وجهني المتوكل إلى المدينة لإشخاص " علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر "، لشئ بلغه عنه، فلما صرت إليها ضج أهلها، وعجوا ضجيجا وعجيجا، ما سمعت مثله، فجعلت أسكنهم، وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه، وفتشت بيته، فلم أجد فيه، إلا مصحفا ودعاء، وما أشبه ذلك، فأشخصته وتوليت خدمته، وأحسنت عشرته.
فبينا أنا نائم يوما من الأيام، والسماء صاحية، والشمس طالعة، إذ ركب وعليه ممطر، وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك إلا هنيهة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جدا، فالتفت إلي، وقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت، وتوهمت أني علمت من الأمر ما لا تعلمه، وليس ذلك كما ظننت، ولكني نشأت بالبادية، فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هبت ربح لا تخلف، وشممت منها رائحة المطر، فتأهبت لذلك.
فلما قدمت مدينة السلام (بغداد) بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري - وكان على بغداد - فقال لي: يا يحيى، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والمتوكل من تعلم، وإن حرضته على قتله، كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، خصمك.
فقلت: والله ما وقفت له، إلا على كل أمر جميل.
فصرت إلى " سامراء " فبدأت ب " وصيف التركي " - وكنت من أصحابه