عثمان، إنه نهج فكري أيديولوجي يزعزع الأسس التي اجتمع عليها أنصار الإمام علي حوله، فكان لا بد من مواجهة الخوارج - لا كقوة سياسية - وإنما كعقيدة سياسية، تسعى إلى ضياع حق الإمام علي.
وفي الواقع أن التشيع - كرد فعل للخوارج - يتضح فيه مدى المقابلة بين العقيدتين، فبينما جعل الخوارج الإمامة عامة، هي عند الشيعة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذرية الإمام علي، وبنص من النبي على ذلك، فهي إذن من صميم الدين، وبينما طائفة من الخوارج ترى الإمامة غير واجبة، ولا يلزم نصب الإمام، هي عند الشيعة واجبة، وعلى الله تعالى.
وهكذا - فيما يقول الدكتور صبحي - يظهر رد فعل التشيع كعقيدة لآراء الخوارج في الإمامة، ويجب الاعتراف بأن الخوارج كمذهب عقائدي له نظرياته في الإمامة، سابق في وجوده على التشيع كعقيدة، ولا يستبعد أن يكون كثير من عقائد الشيعة قد صيغت متأثرة في ذلك بنظرية الخوارج في الإمام علي نحو عكسي، ولا سيما أن كارثة انشقاق الخوارج هي أكبر ما حل بأنصار الإمام من كوارث، ثم تبعها مصرع الإمام نفسه، على يد واحد منهم، ثم جرأتهم على الحق حتى ذهبوا إلى تكفير الإمام - وهو ما لم يذهب إليه ألد أعدائه كمعاوية - فكان لا بد أن يقابل ذلك تقديس للإمام علي، ورفع مقامه إلى مرتبة وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وخليفته بالنص الإلهي (1).
ثم يقول: هذا وقد نقل الخوارج الاختلاف من مجرد خلاف بين الأشخاص - كما هو الحال بين الإمام علي ومعاوية - إلى خلاف حول المبادئ، ومن ثم فقد أعلنوا لا حكم إلا لله، وقد وصف الإمام علي ذلك بأن القوم طلبوا الحق فأخطأوه، وقال - كرم الله وجهه في الجنة - ردا " على ذلك كلمة حق يراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلا الله، ولكن هؤلاء يقولون: لا