فقال له العباس: لم أرفعك في شئ، إلا رجعت إلي مستأخرا " بما أكره، أشرت عليك عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تسأله فيمن هذا الأمر، فأبيت، وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى، ألا تدخل معه فأبيت، أحفظ عني واحدة، كلما عرض عليك القوم فقل: لا، إلا أن يولوك، واحذر هؤلاء الرهط، فإنهم لا يبرحون يبعدوننا عن هذا الأمر، حتى يقوم لنا به غيرنا، وأيم الله لا تناله إلا بشر، لا ينفع معه خير، فقال على: أما لئن بقي عثمان لأذكرنه ما أتى، ولئن مات ليتداولنها بينهم، ولئن فعلوا لتجدني حيث يكرهون (1).
وجمع المقداد بن عمرو أهل الشورى - في بيت المال أو بيت المسور بن مخرمة أو في حجرة عائشة أو في بيت فاطمة أخت الضحاك بن قيس، على اختلاف في الآراء - وجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، فحصد بهما سعد، وقال: تريدان أن تقولا: حضرنا وكنا في الشورى، وتكلم عثمان - وكان أكبرهم سنا "، فقد كان في التاسعة والسبعين - ثم تكلم الزبير ثم سعد، ثم تكلم الإمام علي - وكان أصغرهم سنا "، بعد الأربعين بعام أو عامين - فقال: الحمد لله الذي بعث محمدا " منا نبيا "، وبعثه إلينا رسولا "، فنحن بيت النبوة، ومعدن الحكمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب، لنا حق، إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، ولو طال السرى، لو عهد إلينا رسول الله عهدا " لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولا " لجادلنا عليه حتى نموت، لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق، وصلة رحم، لا حول ولا قوة إلا بالله، اسمعوا كلامي، وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر، بعد هذا المجمع تنتضي فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى تكونوا جماعة، ويكون بعضكم أئمة لأهل الضلال، وشيعة لأهل الجهالة (1).