دعا بفقهاء أهل البصرة والكوفة والمدينة والشام وقرائها، فجعل يسألهم وجعل يكلم عامر الشعبي، فجعل لا يسأله عن شئ، إلا وجد عنده منه علما "، ثم أقبل على الحسن البصري فسأله، ثم قال: هما هذان، هذا رجل أهل الكوفة، يعني الشعبي، وهذا رجل أهل البصرة يعني الحسن.
فأمر الحاجب، فأخرج الناس، وخلا بالشعبي والحسن، فأقبل على الشعبي فقال: يا أبا عمرو، إني أمين أمير المؤمنين على العراق، وعامله عليها، ورجل مأمور على الطاعة، ابتليت بالرعية، ولزمني حقهم، فأنا أحب حفظهم، وتعهد ما يصلحهم، مع النصيحة لهم، وقد يبلغني عن أهل العصابة من أهل الديار الأمر، أجد عليهم فيه، فاقبض طائفة من عطائهم، فأضعه في بيت المال، وفي نيتي أن أرده عليهم، فيبلغ أمير المؤمنين أني قد قبضته على هذا النحو، فيكتب إلى أن لا ترده، فلا أستطيع رد أمره، ولا إنفاذ كتابه، وإنما أنا رجل مأمور على الطاعة، فهل علي في هذا تبعة، وفي أشباهه من الأمور، والنية فيها على ما ذكرت؟. قال الشعبي: فقلت: أصلح الله الأمير، إنما السلطان والد يخطئ ويصيب، قال: فسر بقولي وأعجب به، ورأيت البشر في وجهه، وقال: فلله الحمد.
ثم أقبل على الحسن البصري، فقال: ما تقول يا أبا سعيد؟ قال: قد سمعت قول الأمير، يقول: إني أمين أمير المؤمنين على العراق، وعامله عليها، ورجل مأمور على الطاعة، ابتليت بالرعية، ولزمني حقهم والنصيحة لهم،