بلغ الدم فليس تقية (1)، وقوله التقية ديني ودين آبائي (2)، وهذا قول صحيح، ما في ذلك من ريب، وذلك لأن التقية إنما هي دين القرآن، ومن ثم فهي دين النبي صلى الله عليه وسلم، جد الإمام الباقر (3).
هذا وقد رويت عبارات كثيرة عن سيدنا الإمام جعفر الصادق (80 ه / 699 م - 148 ه / 765 م)، تدعو إلى التقية، وتحث عليها، فإنه يروي أنه قال التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، وإن المذيع لأمرنا كالجاحد به، وروى عنه أنه قال لجماعة من أصحابه كان يحدثهم: لا تذيعوا أمرنا، ولا تحدثوا به أحدا "، إلا أهله، فإن المذيع علينا سرنا، أشد مئونة من عدونا، انصرفوا رحمكم الله، ولا تذيعوا سرنا، وروى عنه أنه قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمانه سرنا جهاد في سبيل الله.
وهكذا - كما يقول العلامة الشيخ محمد أحمد أبو زهرة (1898 - 1974 م) عن الإمام جعفر الصادق في التقية وهي تحتاج إلى تفسير، فأما معنى ديني ودين آبائي أي مبدؤنا ومبدأ آبائنا، وقد اتخذناه على أنه دين لكي نمتنع عن الجهد بما نراه في حكام الزمان، حتى لا تكون فتنة وفساد كبير، إذ النفوس ليست مهيأة للنصرة، ولعل هذا إنما يفيد أن التقية التي دعا إليها الإمام الصادق إنما قد دفع إليها أمران.
أحدهما: دفع الأذى، ومنع المخاطر، التي يتعرض لها المؤمن من غير قوة دافعة مانعة، فيكون الأذى حيث لا جدوى، وبذلك تتلاقى التقية مع الجهاد، فالجهاد مع أعداء الإسلام، وحيث يكون واجبا " لنصرة الإسلام، وحيث يكون الاستعداد قد تم، والأهبة قد أخذت، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، عندما صار للإسلام شوكة وقوة.