والمجرة؟ قال: وما هما؟ قال: عنقان من نار، يخرجان من ظهر الكوفة، يأتي أحدهما على تميم وبكر بن وائل، فقلما يفلت منه أحد، ويأتي العنق الآخر، فيأخذ على الجانب الآخر من الكوفة، فقل من يصيب منهم، إنما يدخل الدار فيحرق البيت والبيتين، قال: فأين أنزل؟ قال: إنزل في بني عمرو بن عامر، من الأزد.
قال: فقال قوم حضروا هذا الكلام ما نراه إلا كاهنا " يتحدث بحديث الكهنة، فقال: يا عمر، إنك لمقتول بعدي وإن رأسك لمنقول، وهو أول رأس ينقل في الإسلام، والويل لقاتلك، أما إنك لا تنزل بقوم، إلا سلموك برمتهم، إلا هذا الحي من بني عمرو بن عامر من الأزد، فإنهم لن يسلموك ولن يخذلوك، قال: فوالله ما مضت إلا أيام حتى تنقل عمرو بن الحمق في خلافة معاوية في بعض أحياء العرب، خائفا " مذعورا "، حتى نزل في قومه من بني خزاعة فأسلموه، فقتل وحمل رأسه من العراق إلى معاوية بالشام، وهو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد (1).
وروى أيضا " بسنده عن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن إسحاق بن أبي فروة عن يوسف بن سليمان عن جدته قالت: كانت تحت عمرو بن الحمق آمنة بنت الشريد فحبسها معاوية في سجن دمشق زمانا "، حتى وجه إليها رأس عمرو بن الحمق، فألقي في حجرها، فارتاعت لذلك، ثم وضعته في حجرها، ووضعت كفها على جبينه، ثم لثمت فاه، ثم قالت: غيبتموه عني طويلا "، ثم أهديتموه إلي قتيلا "، فأهلا " بها من هدية، غير قالية ولا مقيلة.
وقيل: بل كان عمرو مريضا " لم يطق الحركة، وكان معه رفاعة بن شداد، فأمره بالنجاة لئلا يؤخذ معه، فأخذ رأس عمرو، وحمل إلى معاوية بالشام (2).