واستمر القتل والتشريد للشيعة، وكانت التقية جنة تقي من الموت، وسبيلا " إلى الحياة، بعد أن صار مبدأ الدولة لا صلاة إلا بلعن أبي تراب (أي لا صلاة إلا بلعن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، والعياذ بالله)، ولم تكن التقية من أهل الكوفة شيعية، وإنما كانت عرفا " إنسانيا "، أقره الإسلام في القرآن، وجعل أولياء الإمام علي وأنصاره، يمدون في أعمارهم بالبراءة من الإمام علي (1)، وكان ميدان البطولة، مغلقا " في ظل ذلك الطغيان، الذي أعقب تنازل سيدنا الإمام الحسن عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، سنة 41 ه / 661 م، وخلو الجو للخصوم يفعلون فيه ما يشاؤون (2).
وهكذا كانت الشيعة منذ بداية الحكم الأموي في اضطهاد وأذى، وأئمة آل البيت يحصى عليهم كل شئ، ومن دعا إلى الحق منهم اعتورته السيوف، وما كان يسوغ أن يسكتوا عن مظالم الأمويين، لولا التقية، وقد دفعهم إلى التقية ذلك الأذى الذي يتعرضون له، وما كان يترتب على الخروج من فتن تظهر فيها مفاسد، ثم يشتد بعدها الطغيان.
ولذلك كانت الشيعة أكثر المسلمين أخذا " بمبدأ التقية، وقالوا: إن الترخيص بها، بل الحث عليها، جاء على ألسنة أئمتهم، رضوان الله عليهم أجمعين، وقد