استخلاف الولاة، ونصب القضاة، وجباة الأخرجة والصدقات، وغيرها من أموال الله، والذي يتولى الإمام من أمر المسلمين بنفسه الأقل، ثم لا تجب عصمة ولاة الأمر، حيث كانوا في أطراف خطة الإسلام، وفيه بطلان ما ذكروه، فما تغني عصمته، ولا يشترط عصمة مستخلفيه (1).
ومنها (ثانيا ") أن من ينادون بعصمة الأئمة يقولون: التقية ديننا، ودين آبائنا، ويوجبون على الأئمة أن يبوحوا بالكذب، ويبدون خلاف ما يعتقدون، وإذا كانوا كذلك، فليت شعري: كيف يعتمدون في أقوالهم، مع تجويز أنهم يظهرون خلاف ما يضمرون، وغايتهم في اشتراط العصمة اتباع الأئمة، فيما يأتون ويذرون، فإذا أسقطت الثقة بأقوالهم، كيف تجب العصمة في أفعالهم؟
ولئن جاز الكذب في القول تقية، فليجز الزلل في العمل لمثل ذلك.
ومنها (ثالثا ") أن الأنبياء تجب عصمتهم لدلالات المعجزات على صدق لهجتهم، ولو لم يتميز مدعي النبوة بآية باهرة، وحجة قاهرة عن المخرقين الكذابين، لما استقر عقد في نبوة، فمستند النبوات المعجزات إذا ".
وأما الأئمة، فلقد وضح من دين النبي إمامتهم، مع ما يتعرضون له من إمكان الهفوات، فإذا أثبتنا صحة الاختيار، ويستحيل معه علم المختارين في مطرد العادات بأحوال المنصوبين للزعامة، فاستناد الإمامة إلى النبوة، ومستند النبوة المعجزة، فلما تعلق مستند التبليغ بالنبي، لم يكن لتميزه ممن عداه بد من آية، والأئمة يبينون أو يفتون أو يتبعون فروعا " في شرائع الرسل، فإذا دل دليل على انتصابهم - مع التعرض للزلل - ولم يكن في العقول ما يأبى ذلك ويحيله، تلقيناه بالقبول، ونزلناه منزلة الشهود والمفتين وسائر ولاة المسلمين، وحماة الدين (2).