المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ * (والذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ) * (1).
وأما فضل الله تعالى على الآباء ببركة دعاء الأبناء، فلقد روى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول:
باستغفار ولدك لك (2).
والحديث إسناده صحيح، ولم يخرجوه من هذا الوجه (3)، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا ما مات ابن آدم انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (4).
ويخلص المقريزي من ذلك كله: بأن الله تعالى، إذا أكرم المؤمن لإيمانه، فجعل ذريته الذين لم يستحقوا درجته معه في الجنة لتقصيرهم، فالمصطفى صلى الله عليه وسلم، أكرم على ربه تعالى من أن يهين ذريته بإدخالهم النار في الآخرة، وهو جل وعز القائل * (إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * (5). بل إن من كمال شرفه صلى الله عليه وسلم، ورفيع قدره، وعظيم منزلته عند الله تعالى، أن يقر الله عينه بالعفو عن جرائم ذريته، والتجاوز عن معاصيهم، ومغفرة ذنوبهم، وأن يدخلهم الجنة من غير عذاب (6).